التعدد الثقافي
يعتبر التعدد الثقافي أحد المصطلحات الحديثة التي صاحبت النهضة والثورة التقنيّة في القرن الحادي والعشرين. وتمثل التعددية الثقافية مفهوماً واسعاً يدخل ضمن مفاهيم تطوير المجتمعات التي عملت الدولُ على فكّ معادلاتها.
يُعرَّفُ التعدد الثقافي أو التنوع الثقافي على أنّه عملية تعايش عدد مختلف من الثقافات مع بعضها البعض في المجتمع ذاته، بطريقة تجعل كلّ طرفٍ يحترم ثقافة الآخر ويقدّرها. ويرجع هذا التقدير والاحترام إلى تعريف الثقافة نفسها الذي يتفق العاملون في حقله على أنه مجموعة العادات والتقاليد والممارسات المجتمعية، بما فيها تفاصيل استخدام اللغة التي يتحلى بها أفراد مجتمع معين، لتصبح بمثابة سمات مميِّزَةٍ لهم، باعتبار الإنسان أساساً للتنمية المستدامة التي تعمل عليها الدول والحكومات جميعاً.
تكمن أهمية التعدد الثقافي في احتياج الناس إلى العيش معاً وفق مفاهيم متقدمة تجعل الحياة أفضل وأرقى، وهي الممارسات التي تُحِلُّ السلام بدلًا من الحروب، أي قمة ما يسعى إليه المجتمع الإنساني، ومن هنا نتمكّن من قراءة التعدد الثقافي وأهمية ممارسته فعلاً وتطبيقاً، عبر الاعتراف بتغير أشكال التعبير الإنساني في حياة كلّ فردٍ على حدة، مع التسليم بأن الحياة مشاركةٌ تُعنى بالممارسة الحياتية وثقافة الفرد.
تلعب الثقافة أدواراً متنوعة مهمة على صعيد تطور أفراد المجتمع نفسياً واجتماعياً، كما أن العادات والتقاليد التي تتناقلها الأجيال تعكس مجموعة من الخبرات المتنوعة في مختلف المجالات، ففي المجتمعات ذات التعددية الثقافية يتحقّق مستوى أكبر من التشارك والاتصال، ما يزيد لُحمة المجتمع وتماسكه وإنتاجيته وجودتها، نتيجة لشعور أفراده جميعًا بالخصوصية والاحترام.
لقد عملت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأعوام الخمسين الماضية على تفعيل ممارسة التعدد الثقافي بين أفراد المجتمع الذي يتميّز يتنوّع جنسيات أفراده، وثقافاتهم ودياناتهم وعاداتهم وتقاليدهم وكافة ممارساتهم الحياتية.
ومن خلال إقرار احترام الثقافات المختلفة والتأكيد عليه، استطاعت دولة الإمارات أن تحصد محبة الناس، وحرصهم على العيش فيها، وتحسين الاقتصاد، وتنمية حسّ الإبداع والابتكار، لتكون بذلك نموذجاً عالمياً، يحتذى به في تطبيق التعددية الثقافية والتعاون بين مختلف فئات المجتمع.